المدرسة المستقبلية
بدأت المدرسة المستقبلية في إيطاليا، ثم انتقلت إلى فرنسا، وكانت تهدف إلى مقاومة الماضي لذلك سميت بالمستقبلية، واهتم فنان المستقبلية بالتغير المتميز بالفاعلية المستمرة في القرن العشرين، الذي عرف بالسرعة والتقدم التقني. وحاول الفنان التعبير عنه بالحركة والضوء، فكل الأشياء تتحرك وتجري وتتغير بسرعة.
وتعتبر المدرسة المستقبلية الفنية ذات أهمية بالغة، إذ أنها تمكنت من إيجاد شكل متناسب مع طبيعة العصر الذي نعيش فيه، والتركيز على إنسان العصر الحديث.
وقد عبر الفنان المستقبلي عن الصور المتغيرة، بتجزئة الأشكال إلا آلاف النقاط والخطوط والألوان، وكان يهدف إلى نقل الحركة السريعة والوثبات والخطوة وصراع القوى، قال أحد الفنانين المستقبليين "إن الحصان الذي يركض لا يملك أربعة حوافر وحسب، إن له عشرين وحركاتها مثلثية". وعلى ذلك كانوا يرسمون الناس والخيل بأطراف متعددة وبترتيب إشعاعي، بحيث تبدو اللوحة المستقبلية كأمواج ملونة متعاقبة.
وفي لوحة "مرنة" للفنان المستقبلي بوكشيوني التي رسمها عام 1912م، يوحي الشكل في عمومه بإنسان متدثر بثياب فضفاضة ذات ألوان زاهية، يحركها الهواء، فتنساب تفاصيلها في إيقاعات حركية مستمرة.
الدرس: المدرسة المستقبلية- .
التمهيد:
أخي الطالب كنا قد تطرقنا إلى مفهوم الفن الحديث الذي ارتبط في هذا القرن العشرين بالتحولات الهامة التي عرفها العالم من تقدم علمي مع ظهور النظريات الضوئية و مع أبحاث اللاشعور في علم النفس و انتشار فن التصوير الفوتوغرافي و السينما إلى جانب هذه التحولات الكبيرة لاحت في الأفق اتجاهات و مدارس انضوت تحت لواء الفن الحديث.
من بين هذه المدارس المدرسة المستقبلية متى ظهرت و ما هي أبعادها الفكرية و الفلسفية و السياسية ؟
المدرسة المستقبلية:
ظهرت هذه المدرسة في أوائل القرن العشرين موازية للتكعيبية و قد سميت نفسها بالمستقبلية حاملة مظاهر متعددة ، و ظهرت المستقبلية في ميلانو بإيطاليا و انتقلت إلى باريس عام 1909 و قد سيطرت بسرعة كبيرة على إيطاليا و على جزء كبير من أوربا و كانت حركة سياسية و اجتماعية و فلسفية و فنية في وقت واحد و كان هدفها الأساسي مقاومة الماضي و لذلك سميت ضد الماضي أو المستقبلية و يمكن تلخيص مبادئ المستقبلية في كونها تدعو إلى اختصار جميع أشكال المحاكاة و احترام الأشكال البدائية و التمرد على الطغيان فكرة الانسجام و الذوق الجيد و الإدعاء بأن لا فائدة من النقاد الفنيين كما تدعو المستقبلية إلى إقصاء جميع المواضيع الجامدة و الانصراف للتعبير عن حياتنا القلقة التي نعيشها في عصر الفولاذ.
و لقد عبر البيان الذي أمضوه سنة 1910 عن الكره للجمال الكلاسيكي و اقتراح هدم المدن الأثرية و إشعال النار في المتاحف و المكتبات و طالب بإهمال و طرح العقلانية و الفلسفة المدرسية على حساب الفنان ، و قد ورد في البيان أن الجمال يورث الحرب و قد أنكر الفنان المستقبلي جمال المرأة و اهتم بدراسة الحياة و الإنسان في القرن العشرين عصر السرعة و العمل التقني موجها بحثة للمغامرة و المخاطرة لكي يحصل انطباعاته و أفكاره من جمال الكهرباء و جمال السيارة و الطائرة و قد بدت ثورة المستقبلين التشاؤمية في أعمالهم المعبرة عن ديناميكية العمل و الحركة و الحياة حيث رفضوا جميع أساليب الماضي الفنية بما فيها الأسلوب التكعيبي لاحتوائه على الصيغة السكونية و بالمقابل استندت أعمالهم الفنية على أساسين حركيين حركة الانسجام في الفضاء ، و حركة الروح في الجسم ، كما عبر الفنان المستقبلي عن الصورة المتغيرة و تجزئة الأشكال إلى ملايين النقاط و الخطوط و الألوان حيث كانت الخطوة الأولى للفن البصري opart و يقول بوتشيوني: تتضمن المستقبلية ثلاثة عناصر جديدة:
- حجم الأشياء يجب أن لا يذوب في ضباب الهدف التعبيري
- خط الحركة يجب أن يعزز الحجم.
- الوسط المثير للشعور.
و هكذا نرى أخي الطالب أن المدرسة المستقبلية قد تأثرت أيضا بالبعد الرابع الذي جاء به انشتاين كما تأثرت بفلسفة كروتشي الذي دعا إلى تحسس الروح و الحياة في الأشياء.
و مع ازدهار الفن في إيطاليا و أوروبا فإن المستقبلية لم تلق التأييد الكامل خارج إيطاليا و لم يكتب لها عمر طويل فلقد تركها فنانها الأول بوتشيوني ثم تبللها كارا و روسولو و سيفرني من بعده بعد أن عرضنا أخي الطالب للأبعاد الفكرية و الفلسفية و السياسية للمدرسة المستقبلية نتطرق الآن إلى الحديث عن حياة رائد هذه المدرسة فمن هو هذا الفنان ؟
إنه الفنان أمبرتو بوتشيوني 1919 - 1882 :
ولد بوتشيوني في مقاطعة كالاير ( إيطاليا ) درس الفن في كاتانيا تعرف عام 1898 على سيفريني ثم سار إلى باريس و فيها تعلم أسلوب التنقيطية ، ثم مكث بروسيا فترة قصيرة و عاد إلى إيطاليا فاستقر في ميلانو و فيها قابل مارتني الذي نشر عام 1909 أول بيان عن المستقبلية و لقد وقع بوتشيوني مع كارا و رو سو سيفيرني بيان المصورين المستقبلين و ذلك في عام 1910 و بقي بوتشيوني المفكر النظري لهذه الحركة الشهيرة قوة الشارع و كان الفنان يتمتع بشخصية طاغية محاولا بهذا الأسلوب تجديد الفن الإيطالي في القرن العشرين.
و قتل أمبرتو بوتشيوني عام 1916 إثر سقوطه عن ظهر جواده عندما كان يؤدي الخدمة العسكرية في فيرونا ، و من أهم أعماله ديناميكية تشكيلية بيوت 1914.
أسئلة التصحيح الذاتي:
- ماذا يتضمن البيان الذي أمضاه المستقبليين سنة 1910 ؟
- ما هي المبادئ التي ترتكز عليها المدرسة المستقبلية ؟
أجوبة التصحيح الذاتي:
- يتضمن البيان الذي أمضاه المستقبليون سنة 1910 كره الجمال الكلاسيكي و اقتراح هدم و التمرد على الماضي بصفة عامة المدن الأثرية و إشعال النار في المتاحف و المكتبات و طالب بطرح العقلانية و الفلسفة المدرسية على حساب الفنان و أن الجمال يورث الحرب و انكار جمال المرأة و تركيز البحث على المغامرة و المخاطرة.
- تتلخص مبادئ المدرسة المستقبلية في كونها تدعو إلى اختصار جميع أشكال المحاكاة و احترام الأشكال البدائية ثم التمرد على طغيان فكرة الانسجام و الذوق الجيد و أنه لا فائدة من النقاد الفنيين ، مع إقصاء جميع المواضيع الجامدة ثم التعبير عن حياتنا القلقة التي نعيشها في عصرنا هذا.
